مـرّ مـن هـنـا قـبـل 18 عـامـــا ..

مخلفات إعصار مخيليف تعيش بيننا!

حالات تنتظر الحسم في الإسكان .. ومنازل بحاجة إلى ترميم

المواطنون : ما زلنا نعيش على الأمل بعد أن خرّب الإعصار بيوتنا ..

في عام 1988 ضرب إعصار جارف، بلدة مخيليف التابعة لولاية صحم، كان المشهد مرعبا، لم يعتده سكان المنطقة، وخلّف اضرارا مادية كثيرة، تهدمت البيوت القريبة من البحر، ونفقت الماشية، واصيب عدد من الأهالي، وحمل الإعصار زوارق الصيادين كقشة في الهواء لتستقر في البيوت المجاورة!!..منظر لا يمكن توصيفه من الخراب، والدمار، لا يزال يتذكره الكثيرون ممّن عاصروا تلك الكارثة، ونشرت جريدة عمان يومها تحقيقا مصورا، يوضّح حجم الأضرار التي لحقت بالمكان، وقامت الجهات المعنية في ذلك الوقت، بعمل اللازم، حيث وفّرت للمتضررين خياما، وألبسة، وأغطية، وصرفت لكل متضرر مبلغا من المال لمواجهة هذه الكارثة، ووعدتهم بإعادة بناء منازلهم، أو ترميمها، وظل الأهالي على أمل إنجاز الوعد..ولكن إلى هذه اللحظة، لم يتم عمل شيء!!..

أكثر من ثماني عشرة سنة مضت، والأمور على ما هي عليه، والأهالي ينتظرون، يحتفظون بـ(إيصالات) الطلب، والذي من المفترض أن لا يقف في طابور المراجعين، كون الوضع (طارئا)، وكونهم يندرجون تحت بند (الكوارث الطبيعية) التي لها الأولوية في مثل هذه الحالات..ولكن الروتين والبيروقراطية لا يرحمان، والطابور لا يستثني أحدا، والمسؤول يتقيّد بحرفية القانون، حتى وإن كانت هناك استثناءات في هذا الجانب!!
في بلدتهم (مخيليف) زارتهم جريدة (عمان)، دخلت بيوتهم، رأت ما خلّفته يد القدر فيها، وما عاثت فيه، ولم تستطع لا أيديهم، ولا أيدي الجهات المعنية إصلاحه، فالكثير منهم في فئة (الضمان الاجتماعي)، والذين ينتظرون المعونة الشهرية كهلال العيد، فكيف لهم ببناء؟..أو ترميم؟..ومن يسمع نداء هؤلاء المواطنين، ويرفع عن كاهلهم هذه المعاناة الصعبة، ويعيد لهم ابتسامة الأمل، وتفاؤل المستقبل..نقترب منهم لنستمع نبض معاناتهم في سياق التحقيق التالي..

ما زلنا ننتظر الفرج

استقبلنا خلفان بن سالمين الحمداني واخذ في البداية يشرح لنا عن الأضرار التي سببها الاعصار في عام 1988 وخصوصا لمن يسكنون قبالة البحر وطبعا كان هو منهم وطلبنا منه أن يصحبنا إلى المنازل المتضررة فأول منزل دخلنا إليه هو منزله واخذ يوصف لنا كيف أن القوارب دخلت في منزله وهدمت بعض الغرف.. الخ وفوق هذا يحمد ربه انه لم تكن هناك أضرار جسدية يقول خلفان: كنت اعمل منذ عشر سنوات في دولة الامارات العربية المتحدة، ومن ثم قدمت استقالتي لظروف صحية، المشكلة التي نعاني منها هي وقت هطول المطر فمثلما نشعر بسعادة وفرحة وقت هطوله، نشعر بأسى وتعب من كميات الماء التي تنزل من السقف على رؤوسنا كالشلالات، ولم اقدم طلبي لوزارة الاسكان والكهرباء والمياه لسببين الأول انه عندما حدث الاعصار عام 1988م تضررت منازلنا فقامت لجنة من وزارة الاسكان بزيارتنا ووعدتنا بأنها سوف تقوم بمساعدتنا وحتى الآن ونحن ننتظر الفرج، وغير ذلك والذي لم يشجعني بأن اقدم هو ما أراه أمام عيني من المعاناة التي يعاني منها جيراني ممن هم تقدموا بطلبهم منذ سنين والى الآن لم يحصلوا على الرد!!، فها أنا انتظر حتى تعطف علينا وزارة الاسكان وتقوم بمساعدتنا ولو بالشيء البسيط وخصوصا إنني أعيل أسرتي من راتب الضمان الاجتماعي لهذا لم أتمكن حتى الآن من تصليح منزلي.


نعم أو لا؟

راشد بن عبدالله الفزاري قدم طلبه لوزارة الاسكان والكهرباء والمياه منذ عام 1989 والى الآن وهو ينتظر وكله أمل ولا يعرف هل الاجابة بعد تلك السنين تكون بنعم أو لا؟ ولكن ما كان يعطيه الأمل هو ردهم له تابعنا (وخير ـــ إن شاء الله ـــ تابعنا وخير ـــ إن شاء الله)، يقول راشد: لا أعتقد إن هناك أي شخص في وزارة الاسكان لا يعرفني من كثر ما أتابعهم فلو قالوا لي منذ البداية انك لا تستحق كان افضل لي عن تلك الوعود التي أتخوف منها وفي الأخير بعد أن أملت نفسي بها، وخصوصا إن لجنة من وزارة الاسكان والكهرباء والمياه قامت بزيارتنا منذ فترة بسيطة فأخذت تدرس وضعنا حتى ترد بأنني هل استحق أو لا استحق، فبعد الاعصار وبعد ما تهدمت جدران منزلي وحالتنا الله اعلم بها لقد قدم لنا تعويض من قبل الوزارة بمبلغ لا يتجاوز المائتين ريال !! حتى أقوم بتصليح المنزل وحين وجدت أن المبلغ لا يساعدني على ترميم شيء لذا رفضت الاستلام فبالعقل منزل مهدم وواضح انه يكلف كثيرا يقوموا بتعويضي بمائتي ريال!!، فالذي فعلته قمت باستلاف مبلغ وما زلت اسدده وأنا على راتب 80 ريالا من التقاعد حتى أقوم فقط بتصليح السقف؛ لانه كان هناك ما هو أهم منه وهو بناء جدران للمنزل التي وقعت على الأرض ولم يصبح لها اثر، ويواصل ابنه صباح الحديث ويقول لو كنت اعلم إن الموضوع سوف يطول إلى هذه الدرجة لكنت أجلت أشياء كثيرة حتى احل هذه المشكلة والتي نعاني منها بالذات وقت سقوط المطر وكان الفيضان يدخل في غرفنا من التشققات التي بالسقف وان حاولنا صيانة السقف لا اعتقد إن الجدار يتحمل أن يمسك السقف، لذا في هذه الحالة اعتقد يجب علينا أن نقوم بالبناء من جديد ولكن ليس باليد حيلة فراتب والدي 80 ريالا وراتبي 150 ريالا وادفع من مصاريف الكهرباء وأعيل منه زوجتي وأسرتي المكونة من 16 فردا.


ما السبب؟
وكما قمنا بزيارة الوالد علي بن سالم حيث أوضح بان لجنة من وزارة الاسكان قامت بزيارة المنزل، وأخذت نسخة من الملكية (والكروكي) وشهادة الضمان الاجتماعي وسلمناهم وبدون أن يصرحوا لنا ما السبب وراء طلبهم هذا وننتظر خيرا إن شاء الله ويأتي لنا الفرج في اقرب فرصة.


أين الجواب؟
وزرنا أيضا منزل عبدالله بن مبارك حيث أوضح لنا بأنه قدم طلبه لوزارة الاسكان منذ الثمانينات ولكنه لم يحصل حتى الآن على رد بالرغم من انهم قالوا له انتظر سوف نرد عليك وما زلنا ننتظر الجواب بناء على كلمتهم، والمطر عندما يهطل ينزل مباشرة في الغرف فلا ندري في أي جهة نجلس وننام، ولم نتمكن من صيانة المنزل لعدم مقدرتنا على ذلك وان قمنا بصيانته، فالسقف لا يتحمل فكلما أضفنا عليه مثلا الأسمنت سوف يكون عليه ضغطا وينزل وهكذا الحال فالمنزل لا يحتاج إلى صيانة وقد يكلف اكثر من بناء منزل جديد لذلك نحن غير قادرين على أن نبني ولسنا قادرين على أن نقوم بصيانة المنزل.


الدفعة الأولى .. وانتظر!!


محمد بن مسعود الفزاري التقى بنا بالصدفة أثناء رجوعه من البحر حيث كنا في طريقنا إلى إحدى البيوت المتضررة، وطلب منا أن نقوم بزيارة منزله حتى نرى سوء حالته بأم أعيننا، وفعلا حين دخلنا للمنزل أخذتني العبرة ليس لسوء حال المنزل فقط بل حين رأيت والدته الضريرة والتي تجاوزت الثمانينات من عمرها تجلس على تلك (الدكة) وهي تشتكي من مرارة الحال وخصوصا انه لا يوجد هناك من يرعاها سوى ابنها الوحيد والتي لم ترزق غيره «محمد»، سألت محمد عن وظيفته؟ أجاب قائلاً: ليست لدي وظيفة أخرى غير البحر وهي التي استرزق منها بالاضافة إلى إنني استلم من الضمان الاجتماعي 30 ريالا، وهل قدمت رسالة للإسكان حتى تمد اليك بيد المساعدة؟ أجاب نعم، وقدمت الرسالة من قبل أن يأتي لنا الاعصار، ومن ثم أخذت أتابعهم بين فترة وأخرى ولكنهم قدموا شخصا آخر غيري وهو يستحق أيضا ؛ لان حالة منزله كانت صعبة جدا وقاموا ببناء منزل له، والى الآن لم احصل على جواب وكلما ذهبت إليهم يقولوا انتظر (إن شاء الله ـــ إن شاء الله) حين تأتي دفعتك بالرغم من إنني من الدفعة الأولى لكنهم قدموا المساعدة للدفعة الثانية والثالثة والرابعة وأنا أخروني وها أنا انتظر، بالرغم من أن لجنة من وزارة الاسكان قامت بزيارة منزلي وصورت المنزل، وللأسف على سوء وضعي كنت أتمنى من وزارة التنمية الاجتماعية أن ترأف بحالي وخصوصا بعد الاعصار، وحتى الأرض لم احصل عليها حتى الآن، وحين سألته كونه يسكن هو ووالدته الضريرة في نفس المنزل فمن الذي يخدمها ومن الذي يعد لهم وجبة الغذاء؟ اخذ يقول: من ناحية الطعام أقوم بدفع مبلغ بسيط للجيران وهم يعدوا لنا الطعام، وعن خدمة والدتي فأنا موجود معظم الوقت معها وغير ذلك هناك امرأة تأتي لتخدم والدتي بين وقت وآخر، بالرغم من إنني بحاجة إلى عاملة منزل لتخدم والدتي لكن كما ترين الحال، فمن الثلاثين ريالا ادفع فاتورة الكهرباء والماء وأتمنى من الحكومة أن تزيد من راتب الضمان لكل من هم في وضعي بإضافة مبلغ يساعدنا على جلب عاملة منزل وكثير من المستلزمات فعلى حيلة البحر بريال أو ريالين وراتب الضمان هذا لا يكفينا في جميع المستلزمات والحكومة خيرها كثير والحمد والشكر لله.


الطرق المسدودة

وهذا منزل آخر متضرر وحالته مختلفة حيث كل من الزوجين يعيش من (مجهوده الشخصي) فالزوجة مريم بنت سيف العلوي تقوم بخياطة الملابس كوسيلة للرزق والزوج كان يعمل في الخارج ثم قدم استقالته وليس لديه سوى السيارة التجارية، وماذا عن راتب الضمان الاجتماعي؟ تقول نحن لا نستلم من الضمان الاجتماعي فهم رفضوا طلب زوجي حين تقدم لذلك؛ لأن الشروط غير منطبقة على من هو في عمره فهو لم يتجاوز العمر المحدد، ومن ثم وجهت سؤالي الآخر لصاحب المنزل علي بن محمد عبدالله وسألته هل تقدمت لوزارة الاسكان حتى تساعدك في تصليح المنزل؟ أجاب قائلا: وبكل صراحة: لا لم اتقدم والسبب هو انني كلما اسمع الجماعة الذين تقدموا منذ سنين ولم يحصلوا على المساعدة حتى الآن يجعلني أتوقف، زوجتك ذكرت انك تقدمت بطلب لوزارة التنمية الاجتماعية حتى تمد اليك يد المساعدة ولكنها رفضت لان سنك ليس هو السن المحدد هل قدمت على وظيفة أخرى؟ نعم قدمت لمجموعة شركات ولكن ردهم يكون بالرفض والسبب في ذلك بقولهم: ان سنك كبير وقد تجاوزت الـ45 عاما، واحترت في ذلك وزارة التنمية الاجتماعية تقول لي سنك صغير والشركات تقول سنك كبير!!، وفي الأخير أقول إذا كان هناك شباب وجامعيون لم يحصلوا على وظيفة حتى الآن فكيف بي أنا، وحتى حين أردت أن اشتري رقم أجرة قالوا لي لا يوجد..


المردود لا يكفي

انتقلنا إلى منزل عوض بن مبارك سعيد والذي حصل على تقاعد طبي بسبب إعاقته ويستلم 60 ريالا من راتب التقاعد لديه ابن واحد فقط وما زال طالبا في المدرسة، يقول عوض أحيانا يكون رزقي من البحر وطبعا لا اذهب إلى مكان بعيد في البحر بسبب حالتي الصحية، ولم اقدم للإسكان ولكن ما سمعته من سنة ان الحكومة سوف ترمم المنازل فقلنا جزاها الله خيرا ؛ لأن حالة منازلنا فعلا تعبانة ومردودنا قليل لذا لا نتمكن من تصليحها فالمنزل متهدم كما ترون من الخارج والداخل ووقت المطر غرفنا تغرق من الماء والله يكون في العون.