الأعاصير القمعية "التورنيدوز" في سلطنة عمان


جاء المنخفض الجوي الأخير ولم يحمل في جعبته فقط الأمطار بل تعدى ذلك وجاءت بصحبته الأعاصير القمعية.!
تأثرت السلطنة في الأسبوع الماضي بمنخفض جوي أدى إلى هطول أمطار تراوحت بين الغزيرة والمتوسطة والخفيفة على معظم محافظات السلطنة، كذلك صاحب هذا المنخفض تولد ثلاثة أعاصير قمعية شهدتها ولاية مصيره اثنان منها في البحر وواحد في اليابسة، وتم تأكيد الخبر من قبل الراصد الجوي سعود المجعلي حيث قام بمطاردتها ورصدها وتصويرها، وكانت حصيلة تصويره مميزه ورائعة مما ساعدنا كمختصين في التوثيق والبحث.
اشتهرت الأعاصير القمعية بشكل واضح جداً في الولايات المتحدة الأميركية واهتم العلماء كثيرا بها نتيجة حجم الدمار والأضرار الذي تسببه هناك، وتعتبر الأعاصير القمعية نادرة الحدوث هنا في السلطنة إذ أن مناخنا لا يساعد كثيراً على تكون مثل هذه الأعاصير، وبالرغم من ذلك فهي تظهر وتتكون هنا في السلطنة لذلك عرفت محليا وتسمى باسم " دلو المطر" في ولاية مصيره او باسم " الدلو " كما تسمى في مسندم، وتعتبر هذه المسميات القديمة دليلاً واضحا على تواجد هذا النوع من الأعاصير في السلطنة في الماضي، وقبل أن أبدا في شرح ما هي الأعاصير القمعية يجب أن أشير إلى أمرا مهم وهو أن الأعاصير القمعية التي تكونت لدينا ليست شبيهة في دمارها وحجم أضرارها بأعاصير التورنيدو التي تتكون في الولايات المتحدة الأميركية وليست كذلك شبيهة بالأعاصير المدارية (كجونو وفيت) بل هي اصغر بكثير جداً عن تلك الأعاصير ولله الحمد.
الأعاصير القمعية هي أعاصير لولبية الشكل وهي نوع من الدوامات الهوائية العنيفة تتولد وتنشأ في عاصفة رعدية عملاقة وعنيفة جدا تسمى في علم الأرصاد الجوية ب "الخلية الفائقة" أو " super cell "، وترجع أسباب تكون هذه الأعاصير بشكل مختصر إلى نفس الأسباب المعتادة في تكون السحب الرعدية العنيفة من حيث تواجد تصادم قوي لكتل هوائية مختلفة الخصائص احدها دافئ ورطب والأخر بارد وجاف، كذلك ما يميز هذه الأعاصير هو وجود اختلاف قوي في سرعة واتجاه الرياح كلما ارتفعنا إلى أعلى ووجود انحدار قوي للضغط الجوي بداخله. وأستطيع أن أشبه الإعصار القمعي الناتج من العاصفة الرعدية بخرطوم الفيل المتدلي إلى سطح الأرض، وأما عن سبب قوة دمار مثل هذه الأعاصير فيرجع إلى صغر حجمه والقوة الهائلة للرياح الدورانية وانحدار الضغط الجوي المفاجئ وكبر حجم حبات البرد الساقطة.
وفي مناخ السلطنة نادرا جدا ما تتكون عندنا مثل هذه العواصف الرعدية العنيفة أو "الخلايا الفائقة" لذلك نرى الأعاصير القمعية التي تتكون عندنا صغيرة جدا وغير مؤثرة في كثير من الأحيان، ولكن لا استبعد ما قد يحدث في المستقبل من تغيرات قد تطرأ في شكل تطور هذه الأعاصير وحجم دمارها.


عبدالله بن راشد الخضوري
كاتب وباحث في علوم الأرصاد الجوية والبيئة
a.alkhadouri@gmail.com






أعلى